وليس يخلو قوله عليه الصلاة والسلام ذلك من أن يكون المراد به تعريف موضع الأذنين, أو تعريف حكمهما في المسح مع الرأس, فلما انتفى الوجه الأول, لخلوه من الفائدة: صح الثاني.
فإن قيل: معناه أنهما يمسحان كما يمسح الرأس, ولا دلالة فيه على أنهما يمسحان معه.
قيل له: لا يصح أن يقال: هما من الرأس من أجل أنهما يمسحان كالرأس, لأنه لو كان كذلك كان أن يقال: الرجلان من الوجه, لأنهما يغسلان كما يغسل الوجه, فلما بطل هذا: علمنا أنه أراد أنهما تابعتان للرأس في المسح, فلذلك قال: هما "من الرأس", لأن "من": للتبعيض, فكأنه جعلهما بعض الرأس في الحكم.
فإن قيل: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في سجوده: سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره", فدل أن السمع من الوجه.
قيل له: إنما أراد بالوجه نفسه وذاته, لا العضو, كقوله تعالى: {كل