فإن قيل: لأن الماء يزيل العين والأثر جميعًا، والحجر إنما يزيل العين دون الأثر، فالماء أبلغ.
قيل له: فهذا يدل على أن المعتبر الإنقاء، لا العدد.
فإن قال قائل: الإنقاء هو المراد، والعدد عبادة، كما أن موضوع العدة: الاستبراء، وهو يقع بحيضة واحدة، واستيفاء العدد فيها عبادة.
قيل له: ليس الاستبراء بمقصور على الحيضة الأولى دون الأخريين؛ لأنه جائز أن يكون بعد الحيضة الأولى وطء، فيحتاج إلى الاستبراء، وكذلك في الثانية، وليس كذلك الاستنجاء، لأنا قد علمنا أنه لم يكن بعد الأولى والثانية نجاسة حادثة، فيحتاج إلى تطهيرها.
ألا ترى أنه لو ظهر بها حمل الحيضة الأولى، لزم الولد الزوج، وكانت عدتها بالحمل، وكذلك بعد الثانية، فعلم أن كل واحدة من الحيض في نفسها استبراء.
وأيضًا: فإن استيفاء العدد في العدة إذ كانت عبادة، لم ينب عن الحيض غيرها مع إمكان استيفائها، وقد اتفقنا على جواز الاستنجاء بغير المنصوص عليه مع إمكان الأحجار، وما نص عليه منها، فدل أن المقصد فيه الإنقاء، دون عدد المسح.
وأيضًا: فإن العدة قد تلزم عبادة مجردة من الاستبراء، وهي عدة اليائسة والصغيرة، ولا يجب الاستنجاء بوجه إلا لإزالة النجاسة.