قال أبو جعفر:(ولا وصية لحربي وإن أجاز ذلك له الورثة).
قال أحمد: وهذا إنما هو في الحربي إذا كان في دار الحرب؛ لأن اختلاف الدارين يقطع العصمة، ويمنع إثبات الحقوق فيما بين الفريقين، أعني: أهل دار الحرب، ودار الإسلام.
والدليل على ذلك: أنا إنما نملك على أهل الحرب أموالهم بالغلبة والحيازة، وكذلك هم يملكون علينا بالغلبة وحيازة الأموال في دارهم، فلو جاز أن يثبت لنا حق في دارهم، أو يثبت لهم حق في دارنا، لمنع ثبوت ذلك من وقوع الملك بالغلبة والقهر.
ألا ترى أنهم إنما ملكوا علينا حين حازوه في دارهم، لانقطاع حقوقنا عن تلك الأموال، وكذلك نحن ملكنا عليهم لهذه العلة.
* وأما الحربي المستأمن: فإنه تجوز له الوصية؛ لأنه في دارنا محقون الدم بالأمان، كما تجوز هبتنا له، ومبايعتنا إياه.
مسألة:
قال:(ولا وصية لقاتل من المقتول).
وذلك لأنه حين منع الميراث لأجل قتله إياه، تعظيما لجرمه، وهو القتل، وكان معلوما أن الميراث أكد من الوصية، فالوصية أحرى أن تكون ممنوعة.
والدليل على أن جهة الميراث أكد من جهة الوصية: أن الميراث يدخل في ملك الوارث بغير قبول، والوصية لا تصح إلا بقبول.
وقد حدثنا عبد الباقي بن قانع قال: حدثنا الحسين بن علي المعمري