ضرب نجس بالاتفاق، تنتقض الطهارة بخروجه، وهو البول والغائط.
والآخر ضرب طاهر بالاتفاق، لا تنتقض الطهارة به، وهو اللبن والعرق والدمع، وسائر الأشياء الطاهرة، فكان الحكم متعلقا بخروج النجاسة دون غيرها، فوجب أن تكون العلة الموجبة لنقض الطهارة خروج النجاسة بنفسها إلى موضع يلحقه حكم التطهير، فوجب انتقاض الطهارة بخروج سائر النجاسات على ما بينا.
فإن قيل: العلة في البول أنه خارج من السبيل.
قيل له: لو صح هذا الاعتلال لم يناف صحة اعتلالنا، فنحن نسلم لك صحته، ولا نطالبك بإقامة الدلالة عليه، فنقول: هما صحيحان، فاعتلالكم يوجب الحكم في الخارج من السبيل، واعتلالنا يوجبه في الخارج من السبيل ومن غيره، ولا يتنافيان.
وأيضًا: فإن العلل إنما نعتبر صحتها بتعلق الأحكام بها، وتأثيرها في الأصول، وقد وجدنا الحكم يتعلق بالخارج، ويختلف لاختلاف الخارج، ألا ترى أن الخارج إذا كان منيا أوجب الغسل، وإذا كان بولا أوجب الوضوء، والمخرج واحد، فوجب أن يكون اعتبار الخارج أولى من اعتبار السبيل.