يتفاوتان في كونهما حرزين، بل هما حرز واحد، فكأنهما بيت واحد.
ألا ترى أنه لو سرق من أحد البيتين، فأخرجه إلى الآخر: لم يقطع، فكانا جميعا حرزا واحدا، فصار كقوله: ضعها في هذا الجانب من البيت، ولا تضعها في الجانب الآخر، فلا يعمل نهيه، كما لو قال: ضعها في هذا الموضع من الصندوق، ولا تضعها في الجانب الآخر، أو قال: أمسكها بيمينك دون يسارك: لم يعمل نهيه، ولم يضمن لمخالفته إياه.
مسألة:[حكم الوديعة إن مات المودع مجهلا لها]
قال أبو جعفر:"من مات وعنده وديعة لا تعرف بعينها، ولم يعلم لها ضياع منه في حياته، ولم يعلم من الذي كانت في يده دعوى للضياع، أو الرد: فقد صارت دينا في ماله".
قال أبو بكر أحمد: وذلك لأن الأصل أنها باقية في يده إلى أن مات؛ لأنّا لا نعلم الهلاك، بل قد حكمها به مالا للميت؛ لأنا في حكمنا بجميع ما في يده ملكا له، فقد ملكناه الوديعة، ولا يجوز أن نملكه مال الغير بغير بدل، فلذلك لزمه ضمانه.
وأيضا: فإنه حين أمكنه البيان في حياته، فلم يبين، صار مضيعا لها، والمودع يضمن بالتضييع.
قال أبو جعفر:"ولو علم سلامتها بعد موت المودع، ووقوعها في يد وصيه: صار الوصي مؤتمنا فيها، وكان في الأمانة فيها كالميت في ذلك".
وذلك لأنها لما عرفت بعينها بعد الموت، لم يحكم لها مالا للميت، ولم يقع من الميت أيضا تفريط يؤدي إلى تلفها، ولما حصل في يد الوصي، قام مقام الميت في حفظها؛ لأن يده يد الميت، وله إمساكها، فلم تضمن.