مسألة:[بطلان الزيادة في المهر إن كان مما يثبت في الذمة]
قال:(ومن تزوج امرأة على دنانير أو دراهم بأعيانها: كان له أن يعطيها غيرها، وكذلك الفلوس النافقة، فأما ما سوى ذلك إذا عقد عليه بعينه: فليس له أن يعطيها غيره).
وذلك لأن هذه الأصناف الثلاثة لما كانت أثمان الأشياء، وصح العقد عليها في البيوع على الإطلاق من غير ذكر صفة، دل على أن العقد يقتضي ثبوتها في الذمة، وتعيينها يمنع ثبوتها في الذمة، وقد بينا أن ثبوتها في الذمة من موجب العقد، فلا ينتفي موجبه مع وجوده، فلذلك ثبتت في الذمة مع التعيين، وإذا ثبتت في الذمة امتنع وقوع الملك في العين بالعقد؛ لأنه لا يجوز أن يستحق ملك العين، وما في الذمة.
وأما ما سوى هذه الأصناف التي ذكرنا، فإنه لا يصح فيه عقود البياعات وإثباته في الذمة إلا مضبوطا بصفة، فعمل التعيين في استحقاق عينه، إذ ليس يقتضي العقد ثبوته في الذمة.
فإن قال قائل: إنما جاز عقد البيع على دراهم في الذمة على الإطلاق، لجريان العادة فيها بنقد معلوم، فصار جريان العادة فيه بمنزلة اللفظ، وما سواها لم يجر من الناس به عادة في شيء موصوف معلوم، فعمل بإطلاق اللفظ عليه.
قيل له: فلهذه العلة بعينها اختلف حكمها، وحكم غيرها من سائر العروض، إذ جاز أن تكون من الناس عادة تقتضي إثبات الدراهم والدنانير والفلوس في الذمة على الإطلاق، ولم يجر منهم عادة في