التربص في المدة، فدل على أن الفيء مشروط بعد مضي المدة، وأنه إذا فاء في المدة، فإنما ثبت حكمه من حيث عجل حقًا لم يكن عليه تعجيله، كمن عجل دينا هو مؤجل عليه.
قيل له: ليس الأمر فيه على ما ظننت، لأن قوله:{فإن فاءوا}: فيه ضمير المولي المبتدئ بذكره في الآية، وهو الذي له تربص أربعة أشهر، فالذي يقتضيه الظاهر: إيجاب الفيء عقيب اليمين.
فإن قيل: لما قال: {وإن عزموا الطلاق}: دل على أن وقوعه موقوف على قول يكون منه.
قيل له: هذا يدل على صح قولنا؛ لأنه علق الطلاق فيه بعزيمة القلب، دون القول؛ لأن عزيمة القلب لا تكون قولًا، فلو كان يجب وقفه بمضي المدة لما تعلق بعزيمة القلب دون إيقاعه بالقول.
وهذا يدل على أن المراد عزيمة ترك الفيء في المدة، والمضي عليها، وأن فواته يوجب الطلاق.
فإن قيل: ليس الإيلاء صريح الطلاق، ولا كناية عنه، فالواجب أن لا يقع به طلاق.
قيل له: وليس اللعان صريح الفرقة، ولا كناية، فيجب على المخالف أن لا يوقع الفرقة به حتى بفرق الحاكم.
ولا يلزم على أصلنا أيضًا؛ لأن الإيلاء يجوز أن يكون كناية عن الفرقة من وجه، لأن قوله: لا أقربك: يشبه كناية الطلاق، إلا أنه أضعف حالًا من غيرها، فلا يقع الطلاق إلا بانضمام معنى آخر إليه، وهو مضي المدة على الوصف الذي يقوله، إذ قد وجدنا من الكنايات ما لا يقع به الطلاق