ذلك الحق بطلاقه إياها، إذ لا سبيل له إلى إسقاط حقها الذي تعلق بمضي المدة بفعله، فكذلك لم يبطل حكم مدة متقدمة، لورود البينونة.
ووجه آخر: وهو أن الطلاق الواقع بمضي المدة، بمنزلة الطلاق الموقع بالكنايات، ومعلوم أن الكنايات الموجبة للطلاق، لا يصح ابتداؤها مع البينونة.
ولو عقد اليمين بالطلاق بلفظ الكناية، فقال لها: أنت بائن إذا دخلت الدار، ثم أبانها، ثم دخلت الدار في العدة: طلقت، فكذلك ابتداء المدة لا يصح مع البينونة، وحدوث البينونة لا يقطع مدة متقدمة قد تعلق بها وقوع الطلاق.
مسألة:[الإيلاء في مجلس واحد مرارًا]
قال: "ولو آلى من امرأته ثلاث مرات في مجلس واحد، يريد به التغليظ والتشديد، ثم تركها أربعة أشهر: فإنها تبين منه بتطليقة واحدة في قول أبي حنيفة وأبي يوسف استحسانا، وقال محمد وزفر: تطلق ثلاثًا).
الأصل في ذلك: أن المدة إذا كانت واحدة وإن كثرت الأيمان: فإنها لا توجب إلا تطليقة واحدة، كما أن المدة الواحدة من العدة تنقضي بها العدة من رجلين وثلاثة.
وهذا المعنى لا خلاف بينهم فيه؛ لأنه لو قال لها: لو جاء غد فوالله لا أقربك، ثم قال: إذا جاء غد فوالله لا أقربك، ثم قال لها ثالثًا، ثم جاء غد: كان موليًا إيلاء واحدًا، وإن وطئها: حنث في الجميع، ولا يتعلق مع ذلك