وجه قول أبي حنيفة: ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الدية مائة من الإبل".
اقتضى عمومه كل ما يقع عليه الاسم، فأوجبناها أرباعًا، لاتفاق الجميع على وجوب هذا القدر، ولم نوجب الزيادة؛ لأن العموم ينفيها.
ومن جهة النظر: أن الأسنان لما كانت متساوية في الخطأ، وجب مثله في شبه العمد، وإذا كانت الأسنان متساوية: وجبت أرباعًا، لأن كل من قال بتساوي الأسنان أوجبها أرباعًا.
وأما ما روي:"في قتيل خطأ العمد: أربعون منها خلفة، في بطونها أولادها": فإن أمر الدية كان مشهورًا، والحاجة إلى معرفتها ماسة لعموم البلوى بها، فلو كان ذلك محفوظًا عن النبي صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك المشهد الذي حكوا فيه، وهو فتح مكة، لما اختلف الصحابة في اسنانها هذا الاختلاف، كما لم يختلف في عددها.
فلما لم نجد النقل فيه مستفيضًا، وكان رواية القاسم بن ربيعة عن ابن عمر، وإسناده مع ذلك مضطرب؛ لأن خالدًا الحذاء يرويه عن القاسم بن ربيعة عن عقبة بن أوس عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه