قال أبو جعفر:(ومن قطع يد عبد خطأ، فأعتقه مولاه، ثم مات منها: فلا شيء على القاطع غير أرش اليد).
وذلك لأن حكم السراية تابع للجناية، ولا يجوز أن ينفرد بحكم دونها، والدليل عليه: أن من قطع يد حربي، ثم أسلم، ثم مات: لم يكن على القاطع شيء، من قبل أن ابتداء الجناية لما لم يكن مضمونًا، لم يجز أن تكون سرايتها مضمونة، فقلنا على هذا: إن الجناية كانت مضمونة على الجاني للمولى، فلما أعتقه لم تخل السراية لو كانت مضمونة من أن تكون مضمونة للمولى أو للعبد، ولا يجوز أن تكون مضمونة للولى؛ لأنه غير مالك له بعد العتق.
وكما أنه لو ابتدأ الجناية عليه في هذه الحال، لم يستحقها المولى، كذلك لا يجوز أن يستحق ضمان السراية.
ولا يجوز أن تكون مضمونة للعبد، لأنا قد بينا أن حكم السراية أن يكون تابعًا للجناية، فلما لم تكن الجناية مضمونة للعبد، لم يجز أن تكون سرايتها مضمونة له.
فلما لم يصح ضمانها للمولى، ولا للعبد لما وصفنا، لم يبق هناك وجه آخر للضمان، فبطل.
ولهذه العلة بعينها قالوا: إذا باعه المولى بعد القطع، سقط حكم السراية.
وليس قطع اليد في هذا، مثل الرمي في قول أبي حنيفة حين أوجب عليه بالرمي جميع القيمة وإن أعتقه المولى، ثم وقع به السهم، فمات، ولم يوجب في القطع إلا أرش اليد: من قبل أن الرمي سبب يوجب الوقوع