وإن كان بدأ باليهود ثم بالأنصار، فغير جائز أن يكون عاد إلى اليهود بعد إباء الأنصار اليمين، لأن ذلك يوجب أن تكون اليمين كانت على اليهود ابتداء دون الأنصار، وبذلهم إياهم يمنع ردها على الأنصار.
فدل جميع ما وصفنا على اضطراب حديث سهل بن أبي حثمة في القسامة، وأنه غير مضبوط في الأصل على نحو الذي روى فيه.
* وقد روي ذلك غير سهل بن أبي حثمة، فلم يذكر فيه: رد اليمين على الأنصار.
فمنه ما حدثنا عبد الباقي بن قانع قال: حدثنا أحمد بن عمر القريعي قال: حدثنا الحسن بن علي بن راشد قال: حدثنا هشيم عن أبي حيان التيمي عن عباية بن رافع بن خديج قال:
"أصبح رجل من الأنصار مقتولاً بخيبر، فانطلق أولياؤه إلى النبي صلي الله عليه وسلم، فذكروا ذلك له.
فقال: ألكم شاهدان يشهدان على قتل صاحبكم؟
فقالوا: يا رسول الله، لم يكن ثم أحد من المسلمين، وإنما هم يهود، وقد يجترئون على ما هو أعظم من هذا.
قال: فاختاروا منهم خمسين رجلاً، فأستحلفهم، فأبوا، ووداه النبي صلي الله عليه وسلم من عنده".
فلم يذكر في هذا الحديث شيئًا من التخليط الذي في حديث سهل بن أبي حثمة؛ لأنه ليس فيه أن الأنصار قالوا: إن اليهود قتلوه، تظننًا منهم