الحد لما تعلق به من حقوق الآدميين، وليس كذلك سمة الفسق، لأنه لا يتعلق به حق الآدمي، وهو حق الله تعالى خالصًا.
* وأما ما رواه سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن عمر رضي الله عنه قال لأبي بكرة:"إن تبت، قبلت شهادتك".
فإن هذا لا يصح، من جهة أن سعيد بن المسيب لا يصح له سماع من عمر، ولأن سفيان بن عيينة شك فيه حتى استعمله عن عمر بن قيس، وعمر بن قيس هذا مطعون عليه في حديثه، وقد روى قتادة عن الحسن وسعيد بن المسيب أنهما قال:"لا تقبل شهادته بعد التوبة".
* وأما الفصل بين حد القذف وسائر الحدود، فهو أن حد القذف به يتعلق بطلان الشهادة، لأنا نجيز شهادته قبل أن يحد، فلما لم يجز ارتفاع الحد الذي به يتعلق بطلان الشهادة، وجب أن لا يرتفع موجبه من بطلانها.
وأما حد السرقة والزنى وشرب الخمر، فلم يتعلق شيء منه ببطلان الشهادة، وإنما تعلق بطلان الشهادة فيها بالفعل الذي استحق به الحد قبل إقامته، فأشبه سائر الأفعال الموجبة لإسقاط الشهادة مما لا يتعلق به إيجاب حد، فوجب أن يسقط حكمها بالتوبة، إذ كان ما يتعلق من ذلك بحصول سمة الفسق يرتفع بارتفاع سمة الفسق.
فإن قال قائل: جميع ما استدللت به من الآية، ينتقض عليك بقولك: