وإذا صح هذا الخبر: لم يجب الضمان مع القطع لعموم لفظه.
* ومن جهة النظر: إنه لا يجوز أن يجب بفعل واحد: مال، وحد، والدليل عليه: أن وجوب المال بالقتل يمنع وجوب القصاص، وكذلك وجوب المهر بالوطء يمنع وجوب الحد بالوطء الذي به وجب المال.
فثبت بذلك أن وجوب القطع ينفي ضمان المال إذا كان فعلاً واحداً، لا يجوز أن يجب به مال وحد، كما لا يجب به قصاص ومال وحد.
وجهة أخرى: وهي أن من أصلنا: أن الضمان سبب للملك، فلو ضمناه لملكه بالتناول، فيكون حينئذٍ مقطوعًا في ملك نفسه، وذلك ممتنع، فلما لم يكن لنا سبيل إلى رفع القطع، وكان في إيجاب الضمان إسقاط القطع، امتنع وجوب الضمان.
وإذا استهلكه السارق بعد القطع، فلا ضمان عليه أيضًا؛ لأنه لما ثبت أنه غير مضمون عليه بالهلاك، للدلائل التي قدمنا، وجب أن لا نضمنه بالاستهلاك، لأن أحدًا لم يفرق بينهما في إيجاب الضمان أو سقوطه، لأن الناس فيه على قولين: فمن قائل يوجب ضمانه في الحالتين، ومن آخر لا يوجب ضمانه في الحالتين، فلما ثبت عندنا انتفاء ضمانه بالهلاك، وجب أن يكون ذلك حكمه في الاستهلاك، وإذا استهلكه غير السارق، ضمنه باتفاقٍ من الفقهاء.
مسألة:[هلاك المسروق في يد المودع أو المستأجر]
قال أبو جعفر:(وإن هلك في يد مودع قد أودعه السارق، أو في يد مستأجر استأجره منه: فلا ضمان عليه).