على قاطعها القصاص، كوجوبه عليه لو لم يكن سرق، ألا ترى أن من زنى وهو محصن، ثم قتله رجل: وجب عليه القصاص؛ لأن حظر دمه لم يزل بوقوع الزنى منه.
* وإنما لم يقطع بعد ذلك في السرقة؛ لأن وجوب القطع كان متعينًا في اليمنى بالسرقة، فلا ينتقل إلى غيرها، كما أن من وجب له قصاص في يمنى رجل، لم ينتقل إلى اليسرى بتعذر استيفائه من اليمنى.
مسألة:
(ومن سرق وإبهامه اليسرى أو أصبعان غيرها مقطوعة منها: لم تقطع يده).
قال أبو بكر: قد بينا أن عدم اليد اليسرى يمنع قطع اليمنى في السرقة، فما أتى على عموم منافع اليسرى يمنع أيضًا القطع في اليمنى، ومعلوم أن النقص اليسير في اليسرى لا يمنع قطع اليمنى، مثل أن يكون أنملة من أصابع اليسرى مقطوعة، أو تكون فيها أصبع زائدة، وإذا ثبت أن قليل النقص لا يمنع، والكثير يمنع، جعلوا ذهاب الإبهام نقصانًا كثيرًا؛ لأن بها قوة اليد.
ألا ترى أنها تشارك سائر الأصابع في القبض والبسط، وتقويها وتعينها على أعمالها، فكان بذهابها عامة منافع اليد، فصارت اليسرى كأنها معدومة، وكذلك إذا كانت أصبعان من اليسرى مقطوعة، ضعفت قوى باقي الأصابع، فكان نقصانًا كثيرًا مانعًا من قطع اليمنى.