اليسرى عمدًا أو خطأ، فإن أبا حنيفة قال: لا ضمان عليه، وقال أبو يوسف، ومحمد: إن كان فعل ذلك خطأ: فلا شيء عليه، وإن كان عمدًا ضمن).
وجه قول أبي حنيفة رحمه الله في العمد: أنه قد حصل للمقطوع عوض اليسار، وهي اليمين؛ لأنها قد كانت مستحقة بالسرقة، فلما قطع اليسار، سقط القطع به عن اليمين، وحصل ما هو خير له من المقطوعة، فلم يضمنها: عمدًا كان أو خطأ.
ومن جهة أخرى: وهي أن حكم الحاكم بذلك يبيح قطع اليمنى، واستيفاء الحد منها، واستيفاؤه يوجب إسقاطه عنها، فلما كان مسقطًا للحد عن اليمنى بقطع اليسرى، وجب أن يكون مستوفيًا للحد الواجب فيها، فكان كقطع اليمنى، إذ كان مستوفيًا للحد في الحالين.
فإن قيل: كيف يكون مستوفيًا للحد به، وهو منهي عن ذلك؟
قيل له: كونه منهيًا عنه لا يمنع وقوع استيفاء الحد به على الوجه الذي ذكرنا، والدليل عليه: أن الإمام لو حكم عليه بالرجم، فضرب رجل عنقه: لم يكن عليه شيء، وكان مستوفيًا للحد من حيث كان مسقطًا له، فكذلك ما وصفنا.
* ووجه قول أبي يوسف ومحمد: أن قطع السارق واقع له، لما فيه من زجره عن العود إلى مثل هذا الفعل، قال الله تعالى:} والسارق