يكون في عسكر الفتنة، أو زمان الفتنة مع ما وصفنا من حاله.
وأما الحرير والحلي، فليس لهما حال ظاهرة يمنع ببيعهما وإن كان الانتفاع بهما ممكنًا على الوجه المحظور، وبيع العصير يشبه من هذه الجهة بيع الحرير والحلي من الرجال، إذ ليست ها هنا حال ظاهرة يقتضي أن يكون شراء العصير لأن يتخذ خمرًا، فوجب أن لا يمنع بيعه.
وأما ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أنه لعن الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، وبيعها": فما ذكر في الخبر فلا دلالة عليه على مسألتنا؛ لأن ذلك وارد في الخمر، وكلامنا في عصير ليس بخمر.
فإن قيل: إنما عنى عاصر العنب للخمر، فينبغي أن يكون بائع العصير للخمر مثله.
قيل له: قولك إنه عنى عاصر العنب للخمر: دعوى لا دلالة عليه من الخبر، لأن الخمر نفسه قد يجوز أن يعتصر، بأن يطرح العنب في الإناء حتى ينشي ويغلي، ثم يعصر، فيكون عاصرًا للخمر، وهذا الذي اقتضاه ظاهر الخبر؛ لأنه لعن عاصر الخمر، فينبغي أن يكون خمرًا في حال العصير.
وعلى أنا ننهى أيضًا عن عصير العنب للخمر، ومن فعل ذلك فهو عاصر، وإنما مسألتنا فيمن باع ولم يعصره، وإنما خاف أن يعصره المشتري، فلا يكون البائع منهيًا عنه لأجل فعلٍ يحدث بعده من غيره.