* ودليل آخر: وهو أن ما كان هذا سبيله من المقادير: لا سبيل إلى إثباته من طريق المقاييس والاجتهاد، وإنما طريق إثباته التوقيف والاتفاق، فلما حصل الاتفاق في كون الحيض ثلاثة أيام، وعشرة أيام، أثبتناهما، ولما اختلفوا فيما دون الثلاثة وكثر من العشرة: لم تثبته؛ لعدم التوقيف والاتفاق فيه.
فإن قيل: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما رأيت ناقصات عقل ودين أغلب لعقول ذوي الألباب منهن"، قيل: وما نقصان عقلهن؟ قال:"شهادة امرأتين بشهادة رجل واحد، ونقصان دينهم: إحداهن تمكث نصف عمرها لا تصلي".
فهذا يقتضي أن من النساء من يكون حائضًا نصف عمرها، وذلك يوجب أن يكون الحيض خمسة عشر يومًا؛ لأن أقل الطهر خمسة عشر.
قيل له: أما قولك إنه قال: "نصف عمرها": فلم يروه أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ذكر في بعض الألفاظ:"شطر عمرها"، وفي بعض الألفاظ:"تمكث إحداهن الأيام والليالي"، فأما:"نصف عمرها": فما قاله أحد.
وقوله:"شطر عمرها" لا دلالة فيه على النصف؛ لأن الشطر إنما يراد