كره لهم جوال القرى، والحمر الأهلية كلها جوال القرى، فوجب تحريمها بهذا الخبر، وتكون إباحته لما سئل عنه، مقصورة على الحمر الوحشية.
وأما قوله: إن جوال القرى إنما أراد بها الحمر الجلالة، فليس في اللفظ دليل عليه، وليس يمتنع أن يكون منه جوال القرى، ولا تأكل العذرة، فلا يكون قوله: جوال القرى، عبارة عن ذلك.
وجهة أخرى: وهي أنه لو ثبت أنه أباح له الحمر الأهلية في هذا الخبر، كان خبر النهي أولى، لأن الخبرين المتضادين في الحظر والإباحة، إذا وردا، فخبر الحظر عندنا أولى.
وأيضًا: فإنه يحتمل أن يكون المراد حال الضرورة، ويدل عليه ما ذكر في بعض الأخبار أنه قال:"أصابتنا سنة، فلم يبق من مالي شيء أستطيع أن أطعمه أهلي"، وإذا كانت الإباحة مقصورة على حال الضرورة، لم يجز لنا استعمال حكمها في حال الرفاهية مع ما ورد من الآثار في الحظر.