فأما إن كان غير عالم بالفقه، وطرق الاجتهاد والقياس: فغير جائز له مخالفتهم جميعًا، بل عليه أن يجتهد حينئذ في تقليد أوثقهم في نفسه، وأعلمهم عنده، مثل العامي إذا نزلت به نازلة.
مسألة:[نقضه لما قضى إذا تبين مخالفته للكتاب والسنة والإجماع].
قال أبو جعفر:(وإن قضى بقضاء، ثم تبين له أن غير ما قضى به أولى مما قضى به؛ لأن الذي قضى به خلاف الكتاب والسنة والإجماع: أبطله).
وذلك لأن قضاءه كان من طريق الظن، وهذا يقين، فيلغي الظن، ويرجع إلى اليقين.
وأيضًا: فقد بان أنه اجتهد في غير موضع الاجتهاد؛ لأن الاجتهاد لا يسوغ مع النص والإجماع.
مسألة:[تغير اجتهاد القاضي في مسألة بعينها وقد قضى في الأولى]
قال:(وإن كان على غير ذلك: لم يبطله، وقضى في المستأنف بالذي يراه، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف).
وذلك لأن القضاء الأول كان من طريق الاجتهاد، فلا يدفعه باجتهاد مثله، وهذا نظير قولهم فيمن كان معه ثوبان، في أحدهما نجاسة، لا يعلم أيهما هو، أنه يتحرى، فإن تحرى وصلى في أحدهما، ثم أداه اجتهاده إلى أن الآخر هو الطاهر: لم يلفت إلى ذلك؛ لأن الأول قد جعل محكومًا بطهارته من طريق الاجتهاد، فلا ينقض هذا الحكم باجتهاد مثله.