قال أبو جعفر:(ولا تقبل الشهادة على الشهادة إلا على شهادة ميت، أو غائب بينه وبين القاضي المسافة التي تقصر في مثلها الصلاة، أو مريض لا يستطيع إتيان القاضي).
وذلك لأن الشهادة على الشهادة قائمة مقام شهادة الأصل، وبدل منها، وشهود الأصل إذا كانوا حضورًا، يمكنهم إتيان القاضي، فعليهم إقامتها، فلا يصح لبدلها حكم مع وجود المبدل عنه، كما لا يصح للتيمم حكم مع وجود الماء المفروض به الطهارة، ولا يصح صوم الكفارة مع وجود الرقبة، في نظائرها من المسائل.
وأيضًا: فالقياس يمنع جواز الشهادة على الشهادة، وذلك لأن الشاهد إنما تصح شهادته إذا نقل حقًا على المشهود عليه يطالب به عند القاضي، فأما نقله ما ليس بحق على إنسان: فليس يصح، ولا يثبت له الحكم.
وليست الشهادة التي عند شهود الأصل حقًا عليهم للمشهود عليه، بدلالة أنه لا تصح الخصومة فيها، ولا المطالبة بها، والجبر عليها، فكان القياس أن لا تصح الشهادة على الشهادة بحال، إلا أن الفقهاء قد اتفقوا على جوازها إذا كان وصفها على ما ذكرنا، فسلمناه للاتفاق، وما عداه فمحمول على القياس.
* ولهذه العلة بعينها قالوا: لا تصح الشهادة على الشهادة، إلا أن يحملهم إياها شهود الأصل بلفظ تحميل الشهادة، والأمر بها على وجه التوكيل.
ولا يصح نقلهم لها إذا كان بخلاف ذلك.
ولا تجوز إذا شهد رجلان على شهادتهما لغيرهما أن يشهدا؛ لأنهما