فإن قيل: فقد روي: "إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء".
قيل له: أصل الحديث قوله: "لم يحمل خبثًا"، ثم حمله بعض الرواة على المعنى عنده، فنقله دون اللفظ؛ لأن كثيرًا من الرواة يرى نقل المعنى دون اللفظ.
ويحتمل أن يكون المراد بالقلتين: قامتين، ويكون أراد: إذا بلغ الغدير، أو المصنع قامتين: لم يحمل نجسًا، كما نقول: الغدير العظيم إذا وقعت النجاسة في أحد جانبيه أنها لا تنجس الجانب الآخر.
فإن قيل: القلال كانت معروفة بالمدينة، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"دخلت الجنة فرأيت نبقها مثل قلال هجر".
قيل له: ومن دفع أن تكون قلال هجر كانت معروفة؟ بل نقول: كانت معروفة، وسائر ما ذكرنا من القلال المختلفة المقادير كانت معروفة أيضًا؛ ولأجل أن الجميع كانت معروفة مع اختلاف مقاديرها وتفاوتها: امتنع ورود البيان بذكرها في إثبات المقدار.
* ومما يبين تناقض قول القائل بالقلتين: أنا نقول له: خبرنا عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا كان الماء قلتين لم يحمل خبثًا": أراد به قلتين طاهرتين أو نجستين.