فإن قيل: جميع ما ألزمته مخالفيك، يلزمك مثله في الغدران الكثيرة إذا نجست بحصول النجاسة فيها، ثم أجري بعضها إلى بعض، فصارت غديرًا واحدًا، حتى لو حرك أحد طرفيه لم يتحرك الطرف الآخر: لن تحكم طهارته؛ لأجل الاجتماع على حسب اعتبارك في الغدير العظيم إذا وقعت فيه نجاسة، وإن لم تحكم بطهارته بعد الاجتماع، فقل في الابتداء: إنه إذا وقعت فيه نجاسة: نجس.
قيل له: هذه الغدران النجسة إذا جمعت، فصارت غديرًا واحدًا: فجميعها نجس عندنا، واجتماعها لا يكسبها حكم الطهارة، ولذلك تقول في الغدير العظيم إذا حصلت النجاسة في جميعه: لم يجز استعمال شيء منه.
وإنما الذي نقوله في الغدير العظيم: إنه إذا دخلت النجاسة طرفًا منه، وغلب في ظننا أنها لم تبلغ الطرف الآخر، لم نحكم بنجاسة الموضع الذي لم تبلغه النجاسة، فليس المعنى عندنا في حكم التنجيس: زوال كثرته ولا قلته، وإنما المعنى في نجاسته وجود النجاسة فيه.
فإن قيل: لما احتجنا إلى الحد الفاصل بين القليل الذي يلحقه حكم النجاسة، وبين الكثير، ولم يكن لنا مفزع إلا إلى الاجتهاد أو الأثر، كان الأثر –وإن كان ضعيفًا –مقدمًا عليه.
ومن جهة أخرى إن أحدًا لم يقدره بأكثر من ذلك.
قيل له: الحد الفاصل بينهما هو ما علمنا، أو غلب في ظننا وجود النجاسة فيه، فهذا الذي نحكم له بالنجاسة، وما عداه: فليس بنجس، فلا حاجة بنا إلى الاجتهاد في إثبات المقدار، ولا إلى قبول خبر ضعيف لا