ألا ترى أن الصلاة إلى بيت المقدس منسوخة، ولم يوجب نسخ التوجه إليه نسخ سائر أحكام الصلاة، وكذلك فرض صلاة الليل منسوخ، ولم يوجب ذلك نسخ أحكام الصلاة كلها.
وليس يمتنع الاستدلال بقوله تعالى:{فاقرءوا ما تيسر من القرءان}: على وجوب قرض القراءة في سائر الصلوات، وإن كان فرض صلاة الليل قد نسخ، فكذلك ما وصفنا من أمر صوم يوم عاشوراء.
فإن قيل: لما كانت النية شرطا في صحته، كان عدم النية في أوله كوجود الأكل منه، فلما كان وجود الأكل منه مانعا من صحة باقي آخر النهار صوما، فكذلك عدم النية.
قيل له: ليس كذلك، من قبل أنه قد جاز صوم التطوع بنية مبتدأة في بعض النهار، ولم يكن عدم النية في أول النهار بمنزلة فيه، فدل على فساد اعتلالك، وصح أن عدم النية في أول النهار لا يمنع كون باقي آخر النهار صوما صحيحا فيما كان مستحق العين.
* ومن جهة النظر: اتفاق الجميع على جواز صوم التطوع بنية مبتدأة في بعض النهار، والمعنى فيه أن الذي يحتاج إليه في صحة صوم التطوع إنما هي نية الصوم فحسب.