للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للشهر حرمة واحدة؛ لأنه لم يتخلله صوم من غيره، وحصلت تلك الحرمة منهكة، لم تبق هناك حرمة للشهر في الحكم يتعلق بها وجوب الكفارة.

ألا ترى أن حرمة الشهرين المتتابعين في الظهار لما كانت حرمة واحدة في حكم التتابع، لأنهما لا يتخللهما صوم من غيرهما، كان متى انتهك بإفساده الصوم: أبطل ذلك حكم التتابع، حتى لم يبق له حكم، كذلك حرمة شهر رمضان التي يتعلق وجوب الكفارة بها، متي ما انتهكها، لم تبق للشهر حرمة تنتهك، كما لم تبق في صوم الشهرين حكم التتابع، فلم تجب به كفارة أخرى.

وليس يلزمنا على هذا القضاء؛ لأن إيجاب القضاء غير متعلق بانتهاك الحرمة، وإنما هو متعلق بإفساد الفرض، بدلالة أن المعذور وغيره يستويان في لزوم القضاء، ويختلفان في لزوم الكفارة.

وأما إذا كفر، فقد جبر ما انتهكه من حرمة الشهر، فصار بمنزلة من لم ينتهك، فوجب عليه كفارة أخرى بالجماع الثاني.

ودليل آخر: وهو أن كفارة شهر رمضان لما كانت مستحقة للمأثم، وتسقطها الشبهة، أشبهت الحدود، فلما كان اجتماع الحدود من جنس واحد، مما له حرمة واحدة، يوجب الاقتصار على واحد منها، وإسقاط سائرها، كان كذلك حكم كفارة شهر رمضان.

ألا ترى أن من زنى مرارا، لم يجب عليه إلا حد واحد.

فإن قيل: فلو زنى بامرأتين، لم يجب إلا حد واحد، ولو أفطر في شهر رمضان لزمته كفارتان.

قيل له: إنما اختلفتا في هذا الوجه من قبل أن حرمة الزنى لم تتعلق

<<  <  ج: ص:  >  >>