للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعلمه غيره)؟ (١)

٤ - قال حذيفة بن اليمان -رضي اللَّه عنه-: (كنا جلوسًا عند عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-، فقال أيكم يحفظ قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيه الفتنة كما قال؟ فقلت: أنا أحفظه كما قال. . قال: أنت، للَّه أبوك! هات. إنك عليه لجرئ (٢)، فكيف، قلت. فتنة الرجل فيه أهله وماله ونفسه وجاره تكفرها الصلاة والصيام والصدقة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر قال: ليس هذا ما أريد، إنما أمريد الفتنة التي تموج كموج البحر فقلت: مالك ولها؟ لا بأس عليك منها يا أمير المؤمنين، سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودًا عودًا، فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير -تلك القلوب- على قلبين (٣)، أبيض مثل الصفا (٤)، فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض، والآخر أسودا (مربادًا) (٥) كالكوز مجخيًا (٦)، لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا (إلا ما اشرب هواه، وإن بينك وبينها -الفتنة- بابًا) يوشك أن يكسر.

فقال عمر: اكسرًا؟ فلو أنه فتح لعله كان يعاد.

قلت: لا: بل يكسر، قال: ذلك أحرى أن لا يغلق أبدًا إلى يوم القيامة.


(١) صاحب السر: يعني حذيفة ابن اليمانى -رضي اللَّه عنه-.
(٢) إنك عليه لجرئ: أي إنك عالم به قوى على حفظه لكثرة اهتمامك بالسؤال عنه من أحاديث الفتن.
(٣) على قلبين: على نوعين.
(٤) الصفا: الحجر الأبيض الأملس.
(٥) مربادًا: متغيرًا "مظلمًا" تستهويه كل فتنة.
(٦) مجخيًا: منكوسًا "مقلوبًا" لا يعلى به خير ولا تستقر وتنفع فيه حكمة.

<<  <   >  >>