وتبين كذبه لكل مؤمن وعاقل، وهذا سيأتى وكائن فيما يستقبل فتنته واختياره للعباد، فترك ذكره فى القرآن احتقارًا له، وامتحانًا به، إذا لأمر في كذبه أظهر من أن ينبه عليه، ويحذر منه، قد يترك الشئ لوضوحه، فالدجال واضح ظاهر النقص بالنسبة للمقام الذي يدعيه هو مقام الربوبية، فترك اللَّه ذكره والنص عليه لما يعلم اللَّه تعالى من عباده المؤمنين، أن مثل هذا لا يهديهم ولا يزيدهم إلا إيمانًا وتسليمًا للَّه ورسوله) (١).
٣ - كيف قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الدجال أنه لا يضر مسلمًا، وقد قتل الرجل الذي خرج إليه ونشره بالمنشار فصار ذلك أعظم الضرر؟
ليس المراد ذلك وإنما المعنى أن المسلم المحقق لا يفتنه الدجال فيرده على دينه، لما يرى عليه من سيما الحدث، ومن لم يكن بهذه الصفة من الإيمان العميق والفهم الدقيق فقد يفتنه الدجال لما يرى معه من الشبهات، أو أن هذا الحديث عام لكل المؤمنين يخصصه قتل ذلك الشخص الذي يعجز بعدها عن قتله خصوصًا، واللَّه أعلم.
رابعًا: السلف يعلمون هذه الأخبار للناس
كان السلف الصالحون يداومون على تعليم تلك الأخبار والأحاديث، ويذكرونها للناس حتى الأولاد فى الكتاب -والمدرسة- ليتوارثوا معرفتها بعلم وبصيرة، ولتكن لهم بها عقيدة راسخة أصلية، تزيد متانة على مرور الأيام.
روى مسلم فى (صحيحه) عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: كان يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السور من القرآن، يقول: (قولوا اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر،
(١) الفتن والملاحم ابن كثير عن المسيح الدجال قراءة فى أصول الديانات الكبرى لسعيد أيوب.