قلوبهم وهم يدفنون رسول اللَّه ويواروه التراب فقد إنخلعت قلوبهم وأشرأبت أعناقهم لهذا الحادث الجلل، فمنهم من أستلقى على الأرض بلا حراك ومنهم من أوجم فاه عن الكلام ومنهم من شهر سيفه قائلًا: من زعم أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مات قطعت عنقه. . . وأختل التوازن وأضطربت النفوس إلى أن جاء الصديق أبو بكر -رضي اللَّه عنه- وقال:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ. . .}[آل عمران: ١٤٤].
لذلك على المسلمين إذا أصابتهم مصيبة أو نزلت بهم كارثة أن يتسلوا عنها بمصيبة فقده -صلى اللَّه عليه وسلم- إذ بفقده إنقطع الوحى من السماء وماتت النبوة.
٤ - عن عائشة رضي اللَّه عنها، قالت:
"فتح رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بابًا بينه وبين الناس أو كشف سترًا، فإذا الناس يصلون وراء أبي بكر، فحمد اللَّه على ما رأى من حسن حالهم، ورجاء أن يخلفه اللَّه فيهم بالذى رأهم، فقال: يا أيها الناس! أيما أحد من الناس أو من المؤمنين أصيب بمصيبة، فليعتز بي عن المصيبة التي تصيبه بغيرى، فإن أحدًا من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصيبتى"(١).
قال الشاعر:
فإذا أتتك مصيبة تشجو بها ... فأذكر مصابك بالنبى محمد
ثالثًا: انشقاق القمر
حدث هذا الانشقاق في عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وهي معجزة من معجزات النبوة وبرهان ساطع في البراهين الكثيرة التي تدفع عقول الجاحدين، إذ أن القمر بعيد عن متناول الناس وهو في السماء بلا شك وليس مما يطمع في الوصول