يجز أن يخفى أمره على عوام الناس؛ لأنه أمر صدر عن حس ومشاهدة، فالناس فيه شركاء، والدواعى متوفرة على رؤية كل غريب ونقل ما لم يعهد، فلو كان لذلك أصل لخلد في كتب أهل التفسير والتنجيم، إذ لا يجوز إطباقهم على نزكه وإغفاله مع جلالة شأنه ووضوح أمره.
والجواب على ذلك: أن هذه القصة خرجت عن بقية الأمور التي ذكروها؛ لأنه شيء طلبه خاصة في الناس، فوقع ليلًا لأن القمر لا سلطان له بالنهار، ومن شأن الليل أن يكون أكثر الناس فيه نيامًا ومستكينين بالأبنية، والبارز بالصحراء منهم إذا كان يقظان يحتمل أنَّه كان في ذلك الوقت مشغولًا بما يلهيه من سمر وغيره، ومن المستبعد أن يقصدوا إلى مركز القمر ناظرين إليه لا يغفلون عنه، فقد يجوز أنه وقع ولم يشعر به أكثر الناس وإنما رأه من تصدى لرؤيته ممن إقترح وقوعه".
رابعًا: فتح بيت المقدس وطاعون عمواس
يعتبر بيت المقدس من الأماكن المقدسة لدى المسلمين فهو أولى القبلتين وثالث الحرمين، وهو المسجد الذي تضاعف فيه الحسنات ويجوز شد الرحال إليه كما يجوز شد الرحال إلى الحرمين الآخرين البيت الحرام ومسجد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا يجوز ذلك لغير هذه المساجد الثلاثة.
ونظرًا لهذه المكانة المرموقة للأقصى عند المسلمين حرر هذا المسجد من الرومان (النصارى) في زمن الفاروق عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- حيث حاصرت جيوشه بيت المقدس واصطلح معهم بعد أن ذهب إلى الأقصى من المدينة المنورة فأعطوه مفاتيح المدينة والقدس معها.
إن فتح بيت المقدس من المعجزات النبوية التي أخبر عنها -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل موته