للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: يعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر ثم لينج إن استطاع النجاء، اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟ قال: فقال رجل: يا رسول اللَّه: أرأيت إن اكرهت حتى ينطلق بي إلى أحد الصفين، أو إحدى الفئتين فضربني رجل بسيفه، ويجئ سهم فيقتلنى؟ قال: يبوء بإثمه وإثمك ويكون من أصحاب النار) (١). قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- (القاعد فيها خير من القائم إلى آخره. . .بمعناه: (بيان عظيم خطرها والحث على تجنبها والهرب منها ومن التشبث في شيء منها، وإن شرها وفتنتها يكون على حسب التعلق بها) (٢). قال الطبري: (اختلف السلف فحمل ذلك بعضهم على العموم وهم من قعد عن الدخول في القتال بين المسلمين مطلقًا، وقالت طائفة: بلزوم البيوت، وطائفة أخرى بالتحول عن بلد الفتن أصلًا. ومنهم من قال: إذا هجم عليه شيء من ذلك يكف يده ولو قتل، منهم من قال: بل يدافع عن نفسه وعن ماله وأهله وهو معذور إن قتل أو قتل، وقال آخرون: إذا بغت طائفة على الإمام وجب قتالها، ووجب على كل قادر الأخذ على يد المخطئ ونصر المصيب، وفصل آخرون فقالوا: كل قتال وقع بين طائفتين من المسلمين حيث لا إمام ولا جماعة فالقتال حينئذ ممنوع، وقيل: إن أحاديث النهي مخصوصة بآخر الزمان حيث يحصل التحقق بأن المقاتلة إنما هي في طلب الملك، وقد وقع في حديث بن مسعود الذي اشرت إليه (قلت يا رسول اللَّه ومتى ذلك؟ قال أيام الهرج قلت: ومتى؟ قال: حين لا يأمن الرجل جليسه) (٣).


(١) صحيح الجامع: رقم ٢٤٢٦.
(٢) شرح مسلم للنووي باب الفتن.
(٣) فتح الباري لابن حجر ١٣ كتاب الفتن.

<<  <   >  >>