للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: ثكلتك أمك يا زياد!! (١) إن كنت لأعدك من فقهاء أهل المدينة، هذه التوراة والإنجيل عند اليهود والنصارى، فما تغنى عنهم؟!

قال جبير: فلقيت عبادة بن الصامت، فقلت: ألا تسمع ما يقول أخوك أبو الدرداء؟ فأخبرته بالذى قال أبو الدرداء.

قال: صدق أبو الدرداء، إن شئت لأحدثك بأول علم يرفع من الناس: (الخشوع، يوشك أن تدخل المسجد الجامع، فلا ترى فيه رجلًا خاشعًا) (٢).

٦ - روى عبد الرزاق في المصنف عن علي -رضي اللَّه عنه-: (أنه ذكر فتنًا تكون في آخر الزمان، فقال له عمر: متى ذلك يا على؟

قال: إذا تفقه لغير الدين، وتعلن العلم لغير العمل، والتمست الدنيا بعمل الآخرة (٣)

يتبين من خلال هذه الأحاديث اضطراب الأحوال قبل الساعة حيث يرفع العلم، والذي أراه الآن أن ليس معنى رفع العلم عدم وجوده، فالعلم موجود والجامعات مشرعة أبوابها ولكن المقصود هو ندرة وجود علماء ربانيين موحدين يحملون هذا العلم الشرعى فيطبقونه على أنفسهم ويعلمونه للناس، فقد كثر وعاظ السلاطين والتمست الدنيا بالعلم وتفقه لغير الدين، وتعلم لغير العمل، والتمست الدنيا بعمل الآخرة فقلما تجد رجلًا خاشعًا في صلاته، حيث يرفع الخشوع وتتبلد القلوب ويران عليها، وتصدر للفتوى أناس جهال فضللوا الناس وأهلكوهم بالبدع والخرافات والضلالات التي ما


(١) ثكلتك أمك يا زياد: فقدتك، وهو دعاء عليه والمقصود التعجب من الغفلة عن مثل هذا الأمر.
(٢) صحيح سند الترمذي تحقيق الشيخ الألباني رقم ٢١٧٣.
(٣) المصنف: ١١/ ٣٦٠ والمستدرك: ٤/ ٤٥١.

<<  <   >  >>