للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حفظ الودائع حسب، بل هي ترمز إلى العهد الذي ترتب بين العبد وربه تعالى في الشعور بتبعة كل ما أنيط إليه، وذلك بتطبيق أوامر اللَّه والانتهاء عما نهى عنه، فيكون مفهومها الدين كله، يكللها التقوى والصبر على تطبيق الأوامر.

١ - عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- قال: (ما خطبنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - إلا قال: لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له) (١).

٢ - روى الشيخان عن حذيفة بن اليمان -رضي اللَّه عنه- قال: (حدثنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حديثين قد رأيت أحدهما، وأنا انتظر الآخر، حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال (٢)، ونزل القرآن، فقرؤوا من القرآن، وعملوا من السنة، ثم حدثنا عن رفعها قال: ترفع الأمانة، فينام الرجل، ثم يستيقظ، وقد رفعت الأمانة من قلبه، ويبقى أثرها مثل الوكت (٣)، ثم ينام النومة، فتقبض الأمانة من قلبه، فيظل أثرها مثل المجل (٤) دحرجته على رجلك فنفط فتراه منتبرًا (٥) وليس فيه شيء، ثم أخذ حصى فدحرجه على رجله، فيصبح الناس يتبايعون، لا يكاد أحد يؤدى الأمانة.

حتى يقال للرجل: ما أجلده، ما أظرفه، ما أعقله، وما في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان)

يقول حذيفة: (ولقد أتى على زمان، وما أبالى أيكم بايعت، لئن كان


(١) حديث صحيح رواه الإمام أحمد في المسند: ٣/ ١٣٥ والبيهقي في السنن الكبرى: ٦/ ٢٨٨.
(٢) في جذر قلوب الرجال: في أصلها وأعماقها.
(٣) الوكت: الأثر اليسير.
(٤) المجل الأثر الذي يصير في باطن الكفين من أثر العمل والجهد فتحمل قيحًا.
(٥) منتبرًا: مرتفعًا منتفخًا.

<<  <   >  >>