للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخطير هو نذير من نذر الساعة، فإذا أصبح الناس هذا عن ذلك، توسد الأمور إلى غير أهلها. وعندما توسد الأمور إلى غير أهلها, ولا يوضع كل شيء في محله اللائق به، حيث لا يسند منصب لصاحبه الجدير به، ولا تملأ وظيفة برجل كفء يليق بها, ولا يكون أهل الحجى والتربية الصحيحة هم السائدون، فعند ذلك تختل الموازين وتضطرب الأمور كما يقول الأفوه الأودى:

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ... ولا سراة إذا جهالهم سادوا

تبنى الأمور بأهل الرأى ما صلحت ... فإن تولت فبالأشرار تنقاد

البيت لا يبتنى إلا له عمد ... ولا عماد إذا لم تبن أوتاد

إن هذه المؤشرات الخطيرة تنذر بهذا الويل والدمار وتفصح عن فوضى عارمة لا يعلم تبعتها إلا اللَّه تعالى، فها نحن نرى الطاقات الجسام تحل بأمة الإِسلام، فقد تولى الأمور في أغلب البلدان رجال مستبدون لا هم لهم إلا ما يخطون به من أراء لغرائزهم وشهواتهم ومنافعهم، فانتشرت البدع وعمت الضلالات وساد أهل الفجور والسوء وانزوى أهل الحق والصالحات، يقول القرطبي في (التذكرة): (ما أخبر به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذا الباب وغيره قد شاع بين الناس معظمه، ودسه الأمر إلى غير أهله، وصار رؤوس الناس أسافلهم، وفشت في الناس الخيانة وسوء الأخلاق) (١).

وهذا الذي أخبر عنه القرطبي رحمه اللَّه في زمانه، فكيف بزماننا هذا. . .؟؟!!


(١) التذكرة للقرطبى: ج ٢.

<<  <   >  >>