للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: من قلة نحن يومئذ؟؟

قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن اللَّه من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن، قيل: وما الوهن يا رسول اللَّه؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت) (١).

ومن علامات الساعة التي أخبر عنها نبى اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هي هذه العلامة، بل الظاهرة الخطرة التي توحى بأن بلاد العرب والمسلمين تكون كالبقرة الحلوب لأعدائها، فقد استطاع الغرب إيجاد عملاء له في الداخل، وهم من أبناء جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، قلوبهم قلوب الشياطين، تطفح بالحقد على الإِسلام وأهله، واستطاع أعداء المسلمين تمكين هؤلاء وذلك عن طريق مدهم ماديًا ومعنويًا ومنهم من وصل إلى سدة الحكم، فقاموا بالتبشير بقوميتهم المزعومة وعلمانيتهم المستورة، وساموا العباد سوء العذاب، وفرضوا أفكارهم الصليبية بالحديد والنار، والأدهى من هذا كله، إننا نجد صورة هذا التداعى على أمتنا وديارنا وإسلامنا في هذه الأيام أوضح ما تكون، حيث استطاعوا تمرير مؤامراتهم عن طريق عملائهم، وأوجدوا جوًا مناسبًا وتبريرات مصطنعة لكى يدوم هذا التداعى، وتستمر المنطقة تحت نير استعمار جديد ولكن بأثواب مزركشة تختلف عن الأثواب القديمة, وتحت أسماء وغايات ومبررات لا تنطلى على اللبيب.

إن أمم الغرب قاطبة تتابعت على ديار المسلمين، وأصبح الدم المسلم أرخص شيء في هذه الدنيا، مما يدل على أن ثمة مخططًا رهيبًا وقديمًا قد حيك على هذه الأمة من أجل نجاح هذه الهجمة الشرسة، وإمرار هذه


(١) السلسلة الصحيحة: برقم ٩٥٨ للألبانى.

<<  <   >  >>