في العصر الحديث (القرآنيون) الذين هم فروخ المعتزلة ومن المتأثرين بمنهجهم العقلى السقيم، فأخذوا يؤولون القرآن حسب ما توحى إليهم عقولهم الناقصة وانكروا كثير من الأحاديث الصحيحة بزعمهم أنها تتضارب مع العقل، وتأثر بهم وشجعهم واتبع منهجهم قوم ممن ضللهم الغرب ودهاقنته فسموا أنفسهم (العصرانيون) أي الذين يؤولون النصوص حسب مقتضيات العصر، وبذلك تجرؤوا على السُّنَّة وطعنوا في صحيح البخاري وغيره من كتب السنة التي تلقتها الأمة الإِسلامية منذ عهودها النيرة بالقبول والاستحسان.
إن اللَّه تعالى قد تعهد بحفظ القرآن الكريم وإن من ضمن هذا الحفظ، حفظ السنة النبوية؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول:(ألا وأنى أتيت القرآن ومثله معى) وقد أمر اللَّه تعالى باتباع نبيه فقال:
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}، فكيف نأخذ ما أتانا الرسول وننتهى عما نهانا عنه إلا باتباع سنته؟
على أن من جوانب حفظ السنة النبوية هو ما هيئه اللَّه تعالى لسنة -صلى اللَّه عليه وسلم- من رجال بذلوا مهجهم وأرواحهم وأموالهم وعقولهم وأوقاتهم في سبيل خدمة السنة النبوية وتنقية الصحيح من السقيم وبذلك نقلوها إلينا رحمهم اللَّه مصفاة منقاة، وتخصصت الأمة الإِسلامية بعلم لم يسبقها إلى مثله أحد، ألا وهو علم الرجال (الجرح والتعديل)، وفي هذا العلم يكمن السر الإلهى في تسخير هؤلاء الرجال لحفظ السنة النبوية وإظهارها للأمة الإِسلامية مصانة معافاة من كل يد مسمومة تمتد إليها أو عقل سقيم مأجور يشكك فيها.
قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (إنى قد خلفت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما أبدًا: كتاب اللَّه وسنتى، ولن يفترقا حتى يرد على الحوض).