.. فقد سبق ذكر من نص من علماء الحديث على تواترها تواتراً معنوياً. ويكفى تخريجها فى الصحيحين اللذين تلقتهما الأمة بالقبول، وأجمعت على إفادة أحاديثهما العلم اليقينى. وحتى لو كانت آحاداً لوجب علينا التسليم لها والإيمان بمضمونها متى ثبتت صحتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإن دلت على عقيدة خلافاً لمن أبى ذلك.
وأما زعم الأستاذ رشيد رضا وفضيلة الشيخ شلتوت "بأنها أحاديث مضطربة فى متونها منكرة فى معانيها.
أجاب عن ذلك الأستاذ عبد الله الغمارى فى رده على الشيخ شلتوت – رحمه الله – فقال: "وهذا غير صحيح فإن تلك الأحاديث أو الروايات - على حد تعبيره – كلها متفقة على الإخبار بنزول عيسى وأنه يقتل الدجال والخنزير، ويكسر الصليب ... إلخ ما جاء فيها، غاية ما فى الأمر أن بعضاً منها يفصل، وآخر يجمل، وبعضاً يوجز، وآخر يطنب، وهذا كما يفعل القرآن العظيم إذ يورد القصة الواحدة فى سور متعددة بأساليب مختلفة، يزيد بعضها على بعض بحيث لا يمكن جمع أطراف القصة إلا بقراءة السور التى ذكرت فيها.
فلعل صاحب الفتوى ظن مثل هذا التخالف الذى يقوى شأن الحديث، ويدل على تعدد مخارجه، تعارضاً فأخطأ، وأضعف خطأه حيث ادعى أنه لا مجال معه للجمع بينها.
وذلك أنه على فرض وجود تعارض فالجمع ممكن لو أمعن فكره، وأمضى نظره، وأخلص فى بحثه، لكنه أرسل قوله بتعذر الجمع دعوى تتعثر فى أذيال الخجل" (١) .
والزعم بأنها ليست محكمة الدلالة، ولذا أولها العلماء قديماً.
زعم لا أساس له من الصحة. ودعوى باطلة ليس لها ما يسندها، كيف وقد نصت الأحاديث صراحة على نزوله -عليه السلام-، ولم يأت ما يعارض ذلك تصريحاً أو تلميحاً، وأجمعت الأمة على ما دلت عليه وتأويل من أولها إنما هو تحريف وتبديل، ورد للنصوص الثابتة الصريحة، ولا حجة فى قوله.