للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن الأحكام التى انفردت بها السنة كثيرة. وكلها تعطى الدليل الأكيد على أن السنة لها صلاحية تأسيس الأحكام على سبيل الاستقلال - فهى فى ذلك مثل القرآن الكريم، وما شرعته السنة حجة يجب العمل به مثل القرآن الكريم تماماً، وعلى هذا انعقد إجماع من يعتد به من علماء الأمة قديماً وحديثاً.

... والذى يقبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنما يقبل أيضاً عن الله تعالى لأن الله تعالى؛ هو الذى أوجب طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم حيث قال سبحانه: {وَمَاءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (١) .

... يقول الإمام الجليل محمد بن إدريس الشافعى -فى كتابه الرائع الرسالة بأسلوبه الفصيح البليغ: "وما سن رسول الله فيما ليس لله فيه حكم: فبحكم الله سنه.وكذلك أخبرنا الله فى قوله: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِرَاطِ اللَّهِ} (٢) وقد سن رسول الله مع كتاب الله، وسن فيما ليس فيه بعينه نص كتاب، وكل ما سن فقد ألزمنا اتباعه" (٣) ،والانتهاء إلى حكمه. فمن قبل عن رسول الله فبفرض الله قبل" (٤) أ. هـ.

[مضار إنكار السنة النبوية]

... إن الاعتداء على السنة النبوية بإنكارها والتشكيك فى حجيتها يفتح أبواب شر تقوض بنيان الإسلام وذلك لما يلى:

أولاً: أن الأحكام الشرعية العلمية الأصولية "العقائد" يتوقف بنيانها وتفاصيلها على السنة النبوية بعد، ومع القرآن الكريم، فإنكار السنة النبوية يهدد العقائد بالبتر والإبهام، فيمس ما يتعلق بالإلهيات، والنبوات، والسمعيات، وما سوى ذلك من مسائل العقائد...، فهل يقام دين على عقائد مبتورة مبهمة؟


(١) الآية ٧من سورة الحشر.
(٢) جزء من الآيتين ٥٢، ٥٣ من سورة الشورى.
(٣) الرسالة للشافعى ص ٨٨ فقرات رقم ٢٩٢، ٢٩٣، ٢٩٤.
(٤) المصدر السابق ص ٢٢ فقرة رقم ٥٨.

<<  <   >  >>