للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سادساً: أما شرطهم لصحة قبول خبر الواحد بألا يثبت به حكم شرعى من فرض أو تحريم. فيقول رداً على ذلك الإمام ابن قيم الجوزية بقوله: "إن خبر الواحد لو لم يفد العلم لم يثبت به الصحابة التحليل والتحريم، والإباحة، والفروض، ويجعل ذلك ديناً يدان به فى الأرض إلى آخر الدهر. فهذا الصديق رضي الله عنه زاد فى الفروض التى فى القرآن فرض الجدة، وجعله شريعة مستمرة إلى يوم القيامة، بخبر محمد ابن مسلمة والمغيرة بن شعبة فقط، وجعل حكم ذلك الخبر فى إثبات هذا الفرض حكم نص القرآن فى إثبات فرض الأم، ثم اتفق الصحابة والمسلمون بعدهم على إثباته بخبر الواحد ... وأثبت عمر بن الخطاب ميراث المرأة من دية زوجها بخبر الضحاك بن سفيان الكلابى وحده، وصار ذلك شرعاً مستمراً إلى يوم القيامة وأثبت شريعة عامة فى حق المجوس بخبر عبد الرحمن بن عوف وحده (١) .

... وهذا أكثر من أن يذكر، بل هو إجماع معلوم منهم، ولا يقال على هذا إنما يدل على العمل بخبر الواحد فى الظنيات، ونحن لا ننكر ذلك لأنا قد قدمنا أنهم أجمعوا على حجيته والعمل بموجبه، ولو جاز أن يكون خبر الواحد كذباً أو غلطاً فى نفس الأمر لكانت الأمة مجمعة على قبول الخطأ والعمل به وهذا قدح فى الدين والأمة (٢) .


(١) الآثار السابقة التى استشهد بها ابن قيم الجوزية سبق تخريجها ص٣١٦، ٥٦٨.
(٢) مختصر الصواعق المرسلة ٢/٥٥٦، ٥٥٧ بتصرف.

<<  <   >  >>