للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قيل: خبر الواحد مما يدخله احتمال الكذب، فكان ذلك شبهة فى درء الحد، لقوله صلى الله عليه وسلم: (ادرءوا الحدود بالشبهات) (١) فهو باطل بإثباته بالشهادة، فإنها محتملة للكذب، ومع ذلك يثبت بها" (٢) .

خامساً: ما اشترطوه بألا يكون خبر الواحد فى العقيدة.

فقد سبق وأن ذكرنا أن أصول العقائد مذكورة فى القرآن الكريم، مثل التوحيد، والصفات الإلهية، والرسالة، والبعث، وجزاء الأعمال، ولا يوجد فى الحديث الصحيح إلا ما يؤيد هذه الأصول ويوضحها ويقررها، وكل ما يستشكل من الأحاديث الصحيحة فى العقائد تجد مثله فى القرآن، ويجرى فيه ما يجرى فى القرآن من التفويض أو التأويل، ولا يوجد فيها ما يكون مخالفاً لعقائد القرآن، أو زائداً عليها بحيث لا يكون له أصل فى القرآن (٣) .

وحتى مع التسليم جدلاً بأن أحاديث العقائد زائدة عما فى القرآن الكريم. فالقول بأن خبر الواحد ظنى، والعقائد قطعية فلا تؤخذ إلا من الأدلة القطعية. هذا القول غير صحيح، لأنه مع فرض أن خبر الآحاد فى العقائد ظنى، فهو خبر ظنى راجع إلى أصل قطعى وهو القرآن الكريم، فيجب العمل به.


(١) أخرجه الدارقطنى فى سننه كتاب الحدود والديات ٣/٨٤ رقم ٩، وفيه المختار بن نافع، قال البخارى: وهو منكر الحديث قال: وأصح ما فيه حديث سفيان الثورى عن عاصم عن أبى وائل عن عبد الله بن مسعود "قال ادرءوا الحدود بالشبهات، ادفعوا القتل عن المسلمين ما استطعتم" وروى عن عقبة بن عامر، ومعاذ، وغير واحد من الصحابة، موقوفاً عليهم، ورواه ابن حزم فىكتاب الاتصال عن عمر موقوفاً عليه. قال الحافظ: وإسناده صحيح. انظر: نيل الأوطار ٧/١٠٥.
(٢) الإحكام للآمدى ٢/١٠٦، ١٠٧، وانظر: البحر المحيط ٤/٣٤٨، وفواتح الرحموت ٢/١٣٦، والتقرير والتحبير ٢/٢٧٦، وارشاد الفحول ١/٢٣١.
(٣) راجع: ص ٤٩٧.

<<  <   >  >>