للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الخامس: من الفرق إلى السنة الجامعة]

تحت هذا العنوان قال الأستاذ أنور الجندى: "منذ اليوم الأول لظهور حركة "المؤامرة على الإسلام فى القرن الأول للهجرة قامت المواجهة الصادقة والمعارضة الصريحة على يد أهل السنة والجماعة كما قال محمد بن سيرين (١) - رحمه الله -: "لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم" (٢) . ومنذ ذلك اليوم وكانت المواجهة بين أهل السنة وأهل البدع والأهواء، واستطاعت السنة كشف زيفهم ونقص شبهاتهم وبينت بالدليل أنها حركة معادية لها تلتمس فى محيط المجتمع الإسلامى خيوطاً لتدميرها كمقدمة لتدمير النظام الإسلامى نفسه، كما بينت السنة الصلة الوثيقة بين أهل البدع وأعداء الإسلام من اليهودية، والنصرانية، والمجوسية وغيرهم ممن تطلعوا إلى هدم الإسلام عن طريق فكره بعد أن عجزوا عن هدمه عن طريق دولته.

أولاً: أنكرت السنة التشبيه والتعطيل وكشفت عن أن المشبهة وثنية والمعطلين ملحدون وتعقبت فى نفس الوقت الملحدين والوثنيين وكشفت عنهم.

ثانياً: عارضت السنة إخضاع الإسلام للجدل العقلى ودعت إلى التماس المعين الأول والمنبع الأصيل "القرآن والسنة".

ثالثاً: كشفت السنة عن فساد إلهيات أرسطو؛ لأن مقدماتها ونتائجها معارضة أشد المعارضة لمفهوم التوحيد الخالص، وأبانت أن العقائد مرجعها إلى الكتاب والسنة.

رابعاً: استوعبت السنة كل المطامح والآمال التى كانت الفرق المختلفة تنادى بها فجعلت محبة أهل البيت جزءاً من عقيدتها وجعلت العقلانية التى رفعت لواءها المعتزلة شطر المعرفة، وجعلت الوجدانية التى حمل لواءها التصوف شطر المعرفة الأخرى وجعلت اختيار الحاكم على أساس الشورى وليس على أساس النسب أساساً من أسس مفهومها.


(١) محمد بن سيرين: هو محمد بن سيرين الأنصارى، أبو بكر بن أبى عمرة البصرى، ثقة، ثبت، عابد، كبير القدر، مات سنة ١١٠هـ له ترجمة فى تقريب التهذيب ٢ /٨٥ رقم ٥٩٦٦، والكاشف ٢ /١٧٨ رقم ٤٨٩٨، والثقات للعجلى ص ٤٥٠ رقم ١٤٦٤، والثقات لابن حبان ٥ /٣٤٨، والجرح والتعديل ٧ /٢٨٠، ومشاهير علماء الأمصار ص ١١٣ رقم ٦٤٣.
(٢) أخرجه مسلم (بشرح النووى) فى المقدمة، باب بيان أن الإسناد من الدين ١ /٨٤.

<<  <   >  >>