.. وقد عرفنا أيضاً أن المحدثين لم يقصروا فى نقد المتن، كما يزعم من عميت بصيرتهم، وكيف يقصرون! وهل قام علم الحديث دراية بجميع أنواعه إلا لخدمة علم الحديث رواية؟ وكيف يقصرون وما وضعوه من شروط لصحة الحديث من اتصال السند، وعدالة الراوى، وضبطه، وعدم الشذوذ، وعدم العلة - إلا لضمان سلامة المتن، والتأكد من صحة نسبته إلى النبى صلى الله عليه وسلم.
وعرفنا كيف أن ما يبدوا ظاهراً من الشروط الخمسة من اختصاصه بالسند هو فى الحقيقة متعلق بالمتن ظاهراً وباطناً.
[أ- طبيعة نقد الأحاديث الصحيحة عند أعدائها:]
... إن هؤلاء النابتة من أعداء ديننا وأمتنا، اتخذوا من تحكيم عقولهم الزائغة القاصرة، المقياس الأول والأخير فى نقدهم للأحاديث والحكم عليها، ويتخذون من ذلك ذريعة إلى إنكار الأحاديث، وتخطئة علماء السنة، وتخطئة الجمهرة من المسلمين الذين اهتدوا بهديهم وعلمهم، وساروا على دربهم، يدفعهم إلى ذلك عمى بصيرة، وحقد دفين على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يهدفون إلى أن يبتعد الناس عن نور النبوة المباركة وهديها المستقيم، وهم يطوون حقدهم وأهدافهم وراء تناول بعض الأحاديث التى تحتاج إلى فهم خاص، يتلاءم مع مبادئ الإسلام، والفهم الصحيح لتعاليمه وقيمه (١) ، مثل حديث (رضاعة الكبير) وسيأتى ذكره والجواب عنه بإذن الله تعالى.
(١) انظر: كتب السنة دراسة توثيقية للدكتور رفعت فوزى ص ١٠٨، ١٠٩ بتصرف.