للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[عقيدة الخوارج فى الصحابة رضي الله عنهم وأثر ذلك على السنة المطهرة:]

للخوارج فى الصحابة رضي الله عنهم رأى يخالف رأى الجمهور من المسلمين؛ فهم على اختلاف فرقهم يعدلون الصحابة جميعاً قبل الفتنة، ثم يكفرون عثمان، وعلى، وأصحاب الجمل، والحكمين، ومن رضى بالتحكيم، وصوب الحكمين أو أحدهما (١) ، وبذلك ردوا أحاديث جمهور الصحابة بعد الفتنة، لرضاهم بالتحكيم، واتباعهم أئمة الجور على زعمهم، فلم يكونوا أهلاً لثقتهم.

أما جمهور المسلمين فقد حكموا بعدالة الصحابة جميعاً، سواء منهم من كان قبل الفتنة أو بعدها، وسواء منهم من انغمس فيها أو جانبها، ويقبلون رواية العدول الثقات عنهم، وكان من آثار هذا الاختلاف فى النظر إلى الصحابة أن هوجمت السنة التى جمعها الجمهور وحققها أئمتهم ونقادهم، منذ عصر الصحابة حتى عصر الجمع والتدوين، من قبل الخوارج وهم وإن لم ينغمسوا فى رذيلة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. كما فعل غيرهم، نظراً لأنه عندهم كبيرة ومرتكبها كافر (٢) ، ونظراً لبداوتهم وجفاء طبعهم وغلظتهم كانوا غير مستعدين لقبول أفراد من الأمم الأخرى؛ كالفرس، واليهود، والنصارى، وغيرهم ممن يريدون هدم الإسلام واندسوا فى الشيعة، ووضعوا كثيراً من الأحاديث، فضلاً على أنهم كانوا صرحاء لا يعرفون التقية التى يؤمن بها الشيعة (٣) .

إلا أن موقفهم من الصحابة جعلهم يردون الأحاديث التى خرجت بعد الفتنة، أو اشترك رواتها بالفتنة، فضلاً عن جهلهم بأحكام القرآن على وجهها الصحيح؛ جعلهم يخالفون جمهور المسلمين فى عقائدهم وأحكامهم الفقهية كما سبق.


١ /١١٥، والخلافة ونشأة الأحزاب الإسلامية للدكتور محمد عمارة ص ١٣٩.
(٢) السنة ومكانتها فى التشريع ص ١٣١، ١٣٢.
(٣) الحديث والمحدثون للدكتور محمد أبو زهو ص ٨٧.

<<  <   >  >>