للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال القاضى عبد الجبار (١) : وإن كان - أى خبر الآحاد - مما طريقه الاعتقادات ينظر، فإن كان موافقاً لحجج العقول قبل واعتقد بموجبه، لا لمكانة بل للحجة العقلية، وإن لم يكن موافقاً لها، فإن الواجب أن يرد ويحكم بأن النبى صلى الله عليه وسلم. لم يقله، وإن قاله فإنما قاله على طريق الحكاية عن غيره، هذا إذا لم يحتمل التأويل إلا بتعسف، فأما إذا احتمله فالواجب أن يتأول (٢) .

بل زعموا أن من أخبار الآحاد ما يعلم أنه بروايته ارتكب عظيماً، مما روى فى باب التشبيه والجبر وغيرها من ضروب الخطأ، ولولا الدلالة على وجوب العمل به على بعض الوجوه لم يكن فى نقله فائدة (٣) . وسيأتى الجواب عن هذه الشروط فى الرد على شبه منكرى حجية خبر الآحاد.

[موقف المعتزلة من الصحابة وأثر ذلك على السنة النبوية:]

موقف المعتزلة من الصحابة رضي الله عنهم، لا يقل سوءً وخطراً من موقف الشيعة من الصحابة وأول ما يطالعنا من موقفهم من الصحابة أحد أصولهم الواردة على لسان أحمد بن يحيى بن المرتضى، وهو تولى الصحابة، والاختلاف فى عثمان بعد الأحداث، والبراءة من معاوية وعمرو بن العاص. وهذا الأصل كما سبق هو أحد الفوارق فى الأصول عندهم فهم وإن صححوا خلافة أبى بكر الصديق رضي الله عنه حتى من قال منهم بأفضلية على بن أبى طالب إلا أننا نجد النظام يتطاول عليه، وعلى كثير من أعلام الصحابة كالفاروق عمر، وعثمان، وعلى، وابن مسعود، وأبى هريرة وغيرهم. فلا ندرى ماذا يعنون بتولى الصحابة قبل اختلافهم فى سيدنا عثمان رضي الله عنهم.


(١) القاضى عبد الجبار: هو عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمذانى، أبو الحسين، قاضى، أصولى، كان شيخ المعتزلة فى عصره، يلقبونه قاضى القضاة، ولا يطلقون ذلك على غيره، من مصنفاته: تنزيه القرآن عن المطاعن، وشرح الأصول الخمسة، والمغنى فى أبواب التوحيد والعدل. وغير ذلك. مات سنة ٤١٥هـ. له ترجمة فى: تاريخ بغداد ١١ /١١٣ رقم ٥٨٠٦، وميزان الاعتدال ٢ /٥٣٣ رقم ٤٧٣٧، وطبقات الشافعية لابن السبكى ٥ /٩٧ رقم ٤٤٣، وطبقات المعتزلة لابن المرتضى ص ٧، ٤٣، وطبقات المفسرين للداودى ١ /٢٦٢ رقم ٢٤٨، ولسان الميزان ٤ /٢١١ رقم ٤٩٣٩.
(٢) شرح الأصول ص ٧٧٠، وانظر: فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة ص ١٨٢، والمعتمد فى أصول الفقه ٢/٥٤٩.
(٣) الانتصار ص ١٥٢، ١٥٣.

<<  <   >  >>