للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الشيخ الزرقانى - رحمه الله - ورجحت هذه الرواية الأخيرة بأنها أصح الروايات، وبأن التأويلات المنقولة عنه لم تخرج عن حدود ما نسخ من القرآن. وأبعد الروايات عن الرجل هى الرواية الأولى؛ لأنه لا يعقل أن مسلماً، فضلاً عن عالم كأبى مسلم، ينكر وقوع النسخ جملة، اللهم إلا إذا كانت المسألة ترجع إلى التسمية فقط، فإنها تهون حينئذ، على معنى أن ما نسميه نحن نسخاً، يسميه هو تخصيصاً بالزمان مثلاً.

وإلى ذلك ذهب بعض المحققين. قال التاج السبكى (١) : "إن أبا مسلم لا ينكر وقوع المعنى الذى نسميه نحن نسخاً، ولكنه يتحاشى أن يسميه باسمه، ويسميه تخصيصاً" (٢) أ. هـ.

[أهمية علم الناسخ والمنسوخ فى الشريعة الإسلامية]

... إن معرفة علم الناسخ والمنسوخ، والإحاطة به فى القرآن الكريم، والسنة المطهرة، من أولويات ما يجب أن يعرفه كل من يتصدر للقضاء أو الفتيا أو بيان الحلال والحرام. إذ لا يمكن استنباط الأحكام من أدلتها من غير معرفة الناسخ والمنسوخ، والذى بدونه يوجب الإنسان على نفسه، وعلى عباد الله أمراً لم يوجبه الله عز وجل أو يضع عنهم فرضاً أوجبه الله.


(١) السبكى هو: الإمام الفقيه، المحدث الحافظ، المفسر الأصولى، على بن عبد الكافى بن يوسف، شيخ الإسلام، قال فيه ولده ليس بعد الذهبى، والمزى، أحفظ منه. مات سنة ٧٥٦ هـ. له ترجمة فى: وطبقات الحفاظ للسيوطى ص٥٢٥، ٥٢٦ رقم ١١٤٨، والبداية والنهاية لابن كثير ١٤/١٩٥، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلى ٦/١٨٠،وطبقات المفسرين للداودى١/٤١٦رقم٣٦٠.
(٢) رفع الحاجب ص ٢٥١، وانظر: الإبهاج فى شرح المنهاج ٢/٢٢٨، ومناهل العرفان ٢/٢٢٣، وإلى ذلك ذهب الدكتور محمد الحفناوى فى هامش تحقيقه لكتاب الناسخ والمنسوخ لابن شاهين ص٣٠، وكذلك الدكتور شعبان إسماعيل فى هامش تحقيقه لكتاب إرشاد الفحول للشوكانى ٢/٧٦، ٧٧، وبقولهم أقول والله أعلم.

<<  <   >  >>