للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفى ذلك يقول: يحيى بن أكثم (١) : ليس من العلوم كلها علم هو واجب على العلماء، وعلى المتعلمين، وعلى كافة المسلمين، من علم ناسخ القرآن ومنسوخه، لأن الأخذ بناسخه واجب فرضاً، والعمل به واجب لازم ديانة، والمنسوخ لا يعمل به، ولا ينتهى إليه، فالواجب على كل عالم علم ذلك لئلا يوجب على نفسه، وعلى عباد الله أمراً لم يوجبه الله أو يضع عنهم فرضاً أوجبه الله" (٢) .

... وقد اهتم السلف الصالح بمعرفة الناسخ والمنسوخ، وأولوه عناية كبيرة منذ عصر الصحابة والتابعين فمن بعدهم من أئمة المسلمين إلى يومنا هذا.

فعن عبد الله بن حبيب السلمى (٣) قال: "مر على بن أبى طالب رضي الله عنه على قاصٍ فقال: أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا. قال "هلكت وأهلكت" (٤) .

وعن محمد بن سيرين، قال: سئل حذيفة عن شئ فقال: إنما يفتى أحد ثلاثة: من عرف الناسخ والمنسوخ، قالوا: ومن يعرف ذلك؟ قال عمر، أو رجل ولى سلطانً، فلا يجد من ذلك بدا أو متكلف" (٥) .


(١) يَحْيَى بنُ أَكْثَم هو: ابن محمد بن قطن التميمى، المروزى، أبو محمد، القاضى المشهور، فقيه صدوق، إلا أنه رمى بسرقة الحديث، ولم يقع ذلك له، وإنما كان يرى الرواية بالإجازة والوجادة، مات سنة ٢٤٣هـ وقيل قبل ذلك. له ترجمة فى: تقريب التهذيب ٢/٢٩٧ رقم٧٥٣٤، والكاشف الذهبى ٢/٣٦١ رقم ٦١٣٣، ولسان الميزان ٩/٢٨٢ رقم ١٤٨٢٣، وتهذيب الكمال ٣١/٢٠٧ رقم ٦٧٨٨.
(٢) بيان العلم وفضله لابن عبد البر، باب بيان أنه ليس من العلوم علم واجب إلا العلم بناسخ القرآن ومنسوخه ٢/٢٨.
(٣) هو: أبو عبد الرحمن، عبد الله بن حبيب السلمى الكوفى، متفق على توثيقه مات ٧٣هـ تقريباً. له ترجمة فى: تقريب التهذيب ١/٤٨٥، ٤٨٦ رقم ٣٢٨٢، والكاشف ١/٥٤٤ رقم ٢٦٨١، والثقات للعجلى ص ٢٥٣ رقم ٧٩٢.
(٤) الاعتبار فى الناسخ والمنسوخ للحازمى ص ٤٨، والناسخ والمنسوخ للزهرى ص ١٥.
(٥) الاعتبار فى الناسخ والمنسوخ ص ٤٩.

<<  <   >  >>