سابعاً: ما ذهب إليه البعض من إسقاط الشرعية من خبر الآحاد فى المجال الدستورى والسياسى:
فيقول رداً على ذلك المستشار الدكتور على جريشة:(أسقط البعض الشرعية) عن أحاديث الآحاد فى المجال الدستورى، فقال إنها لا تصلح مصدراً لهذا اللون من الأحكام (١) ،ومن قبل هذا رفض الخوارج والمعتزلة العمل بها، ولقد كانت حجة ذلك البعض القول بأهمية الأحكام الدستورية، وعلى الجانب الآخر عدم يقينية أحاديث الآحاد، وعدم شهرتها، الذى استدلوا منه على عدم صحتها، ثم مسلك بعض الصحابة منها إذ اشترطوا اليمين أو رواياً آخر.
وفى رد هادئ على هؤلاء نقول بعون الله: إن الأحكام الدستورية ليست إلا فرعاً من فروع القانون العام، إلى جواره فروع أخرى فى ذلك القسم من القانون، ثم قسم آخر بفروعه هو قسم القانون الخاص. ونحن لا نوهن من أهمية الأحكام الدستورية ... ولكننا فى الوقت نفسه لا نرتفع بها فوق أحكام السنة فى جزءها الأكبر (أحاديث الآحاد)
وما نرى الأحكام الدستورية إلا جزءاً من الأحكام العملية التى اتفق الفقهاء فى المذاهب الأربعة على العمل بأحاديث الآحاد فيها.
ولئن كانت الأحكام الدستورية تقابل فى اصطلاحاتنا الفقهية مباحث الإمامة، فإن مباحث الإمامة عند الفقهاء من أهل السنة ليست سوى أحكام فروع لا ترتفع إلى مرتبة الأصول ... ولم يفعل ذلك إلا الغلاة من الشيعة؟
أما اشتراط اليقينية ... فلم يشترطها أحد من الفقهاء فى أحكام الفروع وإن اشترطتها الأكثرية فى مجال الاعتقاد باعتباره مبنياً على اليقين.
(١) قال بذلك الدكتور عبد الحميد متولى فى كتابه (مبادئ نظام الحكم فى الإسلام) ص١٨٩،١٩١، ١٩٦، ١٩٧.وفى كتابه ترديد لكثير مما قاله على عبد الرازق فى كتابه الإسلام وأصول الحكم.