كتابات أعداء الإسلام ومناقشتها

الفصل الأول: أعداء السنة من أهل الأهواء والبدع قديما - موقف المعتزلة من السنة المطهرة: - ص: 99

فتعارضت عنده الأدلة، فترك أمره لله (١) ومثل ذلك قول أبو الهذيل العلاف (٢) قال: "لا ندرى أقتل عثمان ظالماً أو مظلوماً" (٣) .

فإذا انتقلنا بعد ذلك إلى الحروب التى كانت مع على ومعاوية -رضى الله عنهما، رأينا أن واصل بن عطاء، وعمرو بن عبيد، وجعفر بن مبشر، يؤيدون وجهة نظر علىَّ بن أبى طالب ويتبرأون من معاوية وعمرو بن العاص ومن كان فى شقهما" (٤) .

بل إن البلخى (٥) وهو أحد شيوخ المعتزلة رمى عمرو بن العاص ومعاوية - رضى الله عنهما - بالإلحاد (٦) ونعوذ بالله عزَّ وجلَّ من الخذلان.

وهكذا كان المعتزلة فى أصولهم مخالفين لأهل السنة فى مفهوم الإسلام الجامع، وكان لهذه الأصول الأثر السئ على الإسلام "قرآناً وسنة" وعلى المسلمين.

[موقف المعتزلة من السنة المطهرة:]

لما كان المعتزلة لا يؤمنون إلا بما يتفق مع عقولهم وأصولهم الخمسة، وكان هناك من الأحاديث النبوية ما يهدم مذهبهم ويناقض أدلتهم، كان موقفهم من السنة غاية فى الخطورة، ولا نكاد نكون مبالغين إذا قلنا: بأنهم كادوا يهدمون المصدر الثانى للتشريع الإسلامى، فهم تناقضوا فى موقفهم من السنة ونشأ التناقض بتشبثهم بالعقل إلى ما يشبه تقديسه وتأليهه، ورفض ما يتعارض معه أو تأويله بما لا يخالف رأيهم، ولذلك وقعوا فى كثير من الهنات والتناقضات دفعتهم إليها نزعتهم العقلية.

---

(١) الانتصار ص ١٥١.
(٢) أبو الهذيل العلاف: هو محمد بن الهذيل بن عبيد الله البصرى العلاف، من أئمة المعتزلة، له مقالات فى الاعتزال، وانفرد بآراء مات سنة ٢٣٥هـ وقيل غير ذلك. له ترجمة فى: طبقات المعتزلة لابن المرتضى ص ٤٤، وتاريخ بغداد ٣/٣٦٦ رقم ١٤٨٢، ولسان الميزان ٥/٥٩٧ رقم ٨٢٢٢، ووفيات الأعيان ٤/٢٦٥ رقم ٦٠٦، وشذرات الذهب ٢/٨٥، وسير أعلام النبلاء ١٠/٥٤٢ رقم ١٧٣.
(٣) مقالات الإسلاميين ٢/١٤٥.
(٤) الانتصار للخياط ص ١٥٢.
(٥) البلخى: هو محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور الماتريدى، نسبة إلى ما تريد محله بسمرقند، من أئمة الكلام. مات سنة ٣٣٣هـ. له ترجمة فى: الفوائد البهية فى تراجم الحنفية للكنوى ص٣٣٥، ومفتاح السعادة لأحمد بن مصطفى ٢/٢١.
(٦) شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ١/١٣٧، وانظر: ضحى الإسلام ٣/١٧٧-١٨٠.