للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما استدلالها بقوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} فقالوا معناها لا تسمعهم سماعاً ينفعهم، أو لا تسمعهم إلا أن يشاء الله ... والآية كقوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (١) أى أن الله هو الذى يسمع ويهدى (٢) .

... وصحت الأحاديث بسماع الموتى حتى قرع النعال خلافاً لمن رد ذلك من المعتزلة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن العبد إذا وضع فى قبره وتولى عنه أصحابُه، وإنه ليسمع قرعَ نعالهم ..." الحديث (٣) .

... وعن ابن عمر –رضى الله عنهما– قال: "اطلع النبى صلى الله عليه وسلم على أهل القليب فقال: وجدتم ما وعد ربكم حقاً؟ فقيل له: تدعوا أمواتاً؟ فقال: ما أنتم بأسمع منهم، ولكن لا يجيبون" (٤) . ولا دليل على خصوصية ذلك بأهل بدر، كما يزعم بعض المعتزلة (٥) .

... قال القاضى عياض – رحمه الله -: "يحتمل سماعهم، على ما يحتمل عليه سماع الموتى، فى أحاديث عذاب القبر، وفتنته، التى لا مدفع لها. وذلك بإحيائهم أو إحياء جزء منهم يعقلون به ويسمعون فىالوقت الذى يريد الله تعالى".


(١) الآية ٤٠ من سورة الزخرف.
(٢) فتح البارى ٣/٢٧٧ رقم ١٣٧٠.
(٣) أخرجه البخارى "بشرح فتح البارى" كتاب الجنائز، باب ما جاء فى عذاب القبر ٣/٢٧٥ رقم١٣٧٤، ومسلم "بشرح النووى" كتاب الجنة وصفة تعليمها، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه ٩/٢٢٠ رقم ٢٨٧٠ واللفظ للبخارى.
(٤) أخرجه البخارى "بشرح فتح البارى" كتاب الجنائز، باب ما جاء فى عذاب القبر ٣/٢٧٤ رقم١٣٧٠، ومسلم "بشرح النووى" كتاب الجنائز، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه ٣/٥٠٣ رقم ٩٣٢ واللفظ للبخارى.
(٥) انظر: فضل الاعتزال ص ٢٠٣.

<<  <   >  >>