للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. يقول الحافظ "ابن حجر" – رحمه الله – شارحاً المراد من عنوان الباب الذى ذكر الإمام البخارى تحته حديث أنس قال: قوله: "باب ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس" أى لا يخلو بها بحيث تحتجب أشخاصهما عنهم، بحيث لا يسمعون كلامهما، إذا كان بما يخافت به، كالشئ الذى تستحى المرأة من ذكره بين الناس، وأخذ المصنف قوله فى الترجمة "عند الناس" من قوله فى بعض طرق الحديث "فخلا بها فى بعض الطرق أو فى بعض السكك" وهى الطرق المسلوكة التى لا تنفك عن مرور الناس غالباً.

... وقوله "فخلا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم" أى فى بعض الطرق، قال المهلب: لم يرد أنس أنه خلا بها، بحيث غاب عن أبصار من كان معه، وإنما خلا بها، بحيث لا يسمع من حضر شكواها، ولا ما دار بينهما من الكلام، ولهذا سمع أنس آخر الكلام فنقله، ولم ينقل ما دار بينهما؛ لأنه لم يسمعه.

... وفى رواية مسلم عن أنس "أن امرأة كان فى عقلها شئ فقالت: يا رسول الله! إن لى إليك حاجة، فقال: يا أم فلان! أى السكك شئت، حتى أقضى لك حاجتك، فخلا معها فى بعض الطرق، حتى فرغت من حاجتها" (١) .

... قال الإمام النووى قوله: "خلا معها فى بعض الطرق" أى وقف معها فى طريق مسلوك، ليقضى حاجتها ويفتيها فى الخلوة، ولم يكن ذلك من الخلوة بالأجنبية، فإن هذا كان فى ممر الناس، ومشاهدتهم إ ياه وإ ياها، لكن لا يسمعون كلامها، لأن مسألتها مما لا يظهره" (٢) .


(١) أخرجه مسلم "بشرح النووى" كتاب الفضائل، باب قرب النبى صلى الله عليه وسلم، من الناس وتبركهم به ٨/٩٠ رقم ٢٣٢٦، وأخرجه أبو داود فى سننه كتاب الأدب، باب الجلوس فى الطرقات ٤/٢٥٧ رقمى ٤٨١٨، ٤٨١٩.
(٢) المنهاج شرح مسلم للنووى ٨/٩١.

<<  <   >  >>