للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيقول رداً على ذلك فضيلة الدكتور طه حبيشى: "نعم، النبى صلى الله عليه وسلم، كان عند أم حرام، ونام عندها، واستيقظ يضحك، وسألته أم حرام عن الأمر الذى يضحك منه، فأخبرها أن أناساً من أمته سيركبون البحر ظهره، ووسطه، ويكونون فيه، وهو أمر فيه أمثال الملوك على الأسرة، وهذا أمر يسعد النبى صلى الله عليه وسلم، ويرضيه، لما فيه من المخاطر ما فيه، إن فيه خطر ركوب البحر، وفيه الجهاد وما فى الجهاد من أهوال، وفيه احتمال الموت والشهادة، وأم حرام تعرف ذلك وتدركه، ثم تطمع فيه وتبتغيه، وتسأل النبى الذى لا ترد دعوته وتقول له: سل الله أن يجعلنى منهم، والنبى سأل ربه، واستجاب له ربه عز وجل، فسألته أم حرام بعد أن نام المرة الثانية فى الوقت نفسه وقام يضحك، مم تضحك يا رسول الله؟ فقال كما قال فى الأولى: إن أناساً من أمتى سيركبون البحر مثل الملوك على الأسرة، قالت: يا رسول الله أأنا منهم قال، لا، أنت من الأولين.

... ومرت الأيام وركبت أم حرام مع زوجها، وعلى ساحل البحر ركبت دابة فسقطت من على دابتها فماتت، وقبرها على رأى البعض ما يزال ظاهراً، يعرفه الناس فى قبرص باسم قبر المرأة الصالحة.

أى حديث هذا الحديث الذى جرى بين النبى وبين أم حرام، إنه حديث عن المخاطر والأهوال، وهو حديث عن الموت والشهادة، وهو حديث عن استكمال الذات إلى ساعة الممات، وهو حديث فرح النبى صلى الله عليه وسلم، بأمته حين ينتشرون بالدين ويحملون لواء الجهاد. إن مثل هذا الحديث: لهو حديث الرجولة والكمال، وهو حديث الطمع فى رحمة الله ورضوانه. فما علاقة مثل هذا الحديث الشاق بأحاديث الرضا ومتابعة هوى النفس.

إن المرء ليسمع الحديث المستقيم، فيدركه على وجهه، إن كان سليم النفس، حسن الطوية

وهو ينحرف به إذا كان إنساناً مريض النفس معوجاً، وهل ينضح البئر إلا بما فيه، وهل يمكن أن نتطلب من الماء جذوة نار؟ أو نغترف من النار ماء؟

<<  <   >  >>