للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. والقول بنجاسة الذباب لا دليل عليه؛ لأنه لا ملازمة بين الضرر والنجاسة، ولذا كان هذا الحديث من أدلة العلماء على أن الماء القليل لا ينجس بموت ما لا نفس له سائلة فيه، إذ لم يفصل الحديث بين موت الذباب، وحياته عند غمسه (١) .

... قال الإمام الخطابى –رحمه الله-:"فيه من الفقه: أن أجسام الحيوان طاهرة، إلا ما دلت عليه السنة من الكلب وما لحق به فى معناه.وفيه دليل: علىأن ما لا نفس له سائلة إذا مات فى الماء القليل لم ينجسه، وذلك أن غمس الذباب فى الإناء قد يأتى عليه. فلو كان نجسه إذا مات فيه، لم يأمر بذلك. لما فيه من تنجس الطعام، وتضييع المال، وهذا قول عامة العلماء" (٢) .

... والقول بأنه لا فرق بين جناحى الذباب بأن يحمل أحدهما سماً، والآخر شفاء.

قول يناهض الحديث، بل ويخالف الواقع من اجتماع كثير من المتضادات فى الجسم الواحد كما هو مشاهد معروف. وقد أجاب عن ذلك العلماء فى السابق.

ولا أدرى أجهل ذلك الشيخ رشيد رضا – رحمه الله – مع سعة إطلاعه ونصرته للسنة – أم تجاهله؟ وكلا الأمرين ذميم فى حقه، وقد ذكر ذلك معاصروه (٣) .

... قال الحافظ ابن حجر: "وقال الخطابى: تكلم على هذا الحديث من لا خلاق له فقال كيف يجتمع الشفاء والداء فى جناحى الذباب؟ وكيف يعلم ذلك من نفسه حتى يقدم جناح الداء، ويؤخر جناح الشفاء، وما ألجأه إلى ذلك؟ قلت: وهذا سؤال جاهل، أو متجاهل، فإن كثيراً من الحيوان قد جمع الصفات المتضادة. وقد ألف الله بينها وقهرها على الاجتماع، وجعل منها قوى الحيوان.


(١) انظر: فتح البارى ١٠/٢٦٢ رقم ٥٧٨٢، ونيل الأوطار ١/٥٦، وسبل السلام ١/٣٧.
(٢) معالم السنن٥/٣٤٠-٣٤١،وانظر: زاد المعاد٤/١١١-١١٢،وشرح السنة للبغوى١١/٢٦٠.
(٣) انظر: مسند أحمد بتحقيق أحمد محمد شاكر ١٢/١٢٨ فى الهامش، ودفاع عن السنة للدكتور محمد أبو شهبة ص ٣٣٨.

<<  <   >  >>